الإمارات العربية المتحدة
انضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى اتفاقية نيويورك في 21 أغسطس 2006 دون أي تحفظات أو بيانات. كما أن مركز دبي المالي العالمي (DIFC) وسوق أبوظبي العالمي (ADGM) ملزمان باتفاقية نيويورك لكونهما جزءًا من دولة الإمارات العربية المتحدة.
مركز دبي المالي العالمي هو منطقة مالية حرة تقع في إمارة دبي، وقد أُسست عام ٢٠٠٤. يمتلك المركز قوانينه المدنية والتجارية والتحكيمية الخاصة، ويتبع إلى حد كبير نهج القانون العام الإنجليزي. أما سوق أبوظبي العالمي فهو منطقة مالية حرة تقع أيضًا في إمارة أبوظبي، وقد أُسست عام ٢٠١٣. ومثل مركز دبي المالي العالمي، يمتلك المركز قوانينه المدنية والتجارية الخاصة (بما في ذلك لوائح التحكيم الخاصة به). وقد أُسست كلتا المنطقتين لجذب مجتمع الأعمال الدولي.
تعد دولة الإمارات العربية المتحدة طرفاً في المعاهدات التالية بشأن الاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها: اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى لعام 1965؛ واتفاقية الرياض للتعاون القضائي بين دول جامعة الدول العربية لعام 1983؛ واتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي بشأن تنفيذ الأحكام والإنابات والإعلانات القضائية لعام 1996.
يخضع التحكيم في دولة الإمارات العربية المتحدة للقانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 (قانون التحكيم الإماراتي)، الذي دخل حيز التنفيذ في 16 يونيو 2018. تنص المادة (4-2) من القانون الاتحادي على أنه "لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح". تجدر الإشارة إلى أن قانون التحكيم الإماراتي لا ينطبق في مركز دبي المالي العالمي أو سوق أبوظبي العالمي، حيث أن لكل منطقة حرة مالية قانون تحكيم خاص بها.
يخضع التحكيم في مركز دبي المالي العالمي لقانون المركز رقم 1 لعام 2008. ويستند بشكل كبير إلى قانون الأونسيترال النموذجي.
يخضع التحكيم في سوق أبوظبي العالمي للوائح التحكيم لعام 2015، والتي عُدّلت في 23 ديسمبر 2020. وتستند هذه اللوائح أيضًا إلى قانون الأونسيترال النموذجي، ولكن مع عدد من التعديلات. ويقع مركز أبوظبي للتوفيق والتحكيم التجاري في هذا السوق.
كما تم إطلاق مركز الإمارات للتحكيم البحري (EMAC) في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2016.
بالإضافة إلى ذلك، تستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة المركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم الذي تم إنشاؤه للنظر في القضايا التي تحكمها الشريعة الإسلامية.
يوجد مكتب تمثيلي في سوق أبوظبي العالمي (ICC MENA) للمحكمة الدولية للتحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية (ICC) يقع المكتب في سوق أبوظبي العالمي، وهو مركز مالي دولي يقع في جزيرة المارية في عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة. بدأ هذا المكتب التمثيلي الجديد عمله في يناير 2018، ويقبل تسجيل قضايا التحكيم بموجب قواعد غرفة التجارة الدولية.
علاوة على ذلك، أنشأت محكمة التحكيم الرياضي مركزًا بديلًا لجلسات الاستماع في أبوظبي. وتعتمد المحاكم الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة النهج التقليدي، حيث من العملي توقيع الأطراف صراحةً على بند التحكيم. وبموجب القرار الوزاري رقم 406/2 لعام 2003، لا يجوز للجهات الحكومية في دولة الإمارات العربية المتحدة إبرام اتفاقية تحكيم دون موافقة مسبقة من مجلس الوزراء.
فيما يتعلق بالنزاعات غير القابلة للتحكيم، لا يجوز إحالة القضايا المتعلقة بالمسائل التي يتعذر فيها التوفيق إلى التحكيم. تتعلق هذه النزاعات بالنظام العام، والمسائل الجنائية، وشؤون الأسرة. كما لا يجوز حلّ نزاعات الوكالات التجارية والتوزيع عن طريق التحكيم. وتُعتبر بنود التحكيم منفصلة عن العقد الرئيسي بموجب أنظمة التحكيم في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومركز دبي المالي العالمي، وسوق أبوظبي العالمي، وتظل سارية المفعول حتى بعد إنهاء العقد الرئيسي أو إبطاله.
علاوة على ذلك، تنص المادة (6-1) من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 على أن "يُعامل شرط التحكيم كاتفاق مستقل عن شروط العقد الأخرى. ولا يؤثر بطلان العقد أو فسخه أو إنهاؤه على شرط التحكيم إذا كان صحيحًا في ذاته، إلا إذا تعلق الأمر بفقدان أهلية أحد الطرفين". وتنص المادة (6-2) من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 على أن "الدفع ببطلان العقد الذي يتضمن شرط تحكيم أو فسخه أو إنهائه لا يوقف إجراءات التحكيم، ويجوز لهيئة التحكيم الفصل في صحة هذا العقد".
ووفقًا للمادة (19-1) من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018، " تفصل هيئة التحكيم في أي دفع يتعلق بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفع المبني على عدم وجود اتفاق تحكيم أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع، ولهيئة التحكيم أن تفصل في ذلك إما في قرار تمهيدي أو في حكم التحكيم النهائي الصادر حول موضوع النزاع".
ووفقًا للمادة (52) من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018؛ فإن "حكم التحكيم الصادر وفقا لأحكام هذا القانون يعتبر ملزما للأطراف، ويحوز حجية الأمر المقضي، ويكون له ذات القوة التنفيذية كما لو كان حكما قضائيا، إلا أنه يشترط لتنفيذه الحصول على قرار للمصادقة عليه من المحكمة.
فيما يتعلق بمسألة إلغاء حكم التحكيم، تتضمن المادة (54-6) من القانون الاتحادي حكمًا مبتكرًا، وهو أنه " للمحكمة التي يطلب منها إبطال حكم التحكيم أن توقف إجراءات الإبطال لمدة لا تزيد عن (60) ستين يوما، إذا وجدت ذلك ملائما بناء على طلب من أحد الأطراف، من أجل منح هيئة التحكيم فرصة لاتخاذ أي إجراء أو تعديل في شكل الحكم من شأنه إزالة أسباب الإبطال دون أن يؤثر على مضمونه."
كذلك، لا يوقف طلب إلغاء حكم التحكيم تنفيذ ذلك الحكم, وتفصل المحكمة في طلب إيقاف التنفيذ خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ أول جلسة مُحددة.
ووفقًا للمادة (57) من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018، يجوز التظلم من قرار المحكمة بمنح أو رفض تنفيذ حكم التحكيم أمام محكمة الاستئناف المختصة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ الإخطار.
ويعتبر مبدأ (اختصاص-الاختصاص) معترف به في دولة الإمارات العربية المتحدة ومركز دبي المالي العالمي وسوق أبوظبي العالمي؛ حيث يسمح قانون التحكيم في دولة الإمارات العربية المتحدة لهيئة التحكيم بالبت في اختصاصها القضائي، بما في ذلك الاعتراضات المتعلقة ببطلان اتفاقية التحكيم أو عدم وجودها أو انقضائها. يجوز لهيئة التحكيم الفصل في الدفوع إما كمسألة أولية أو في حكم نهائي. يجوز لأي طرف، في حالة ما إذا قضت هيئة التحكيم كمسألة أولية باختصاصها، أن يطلب من محكمة الاستئناف المختصة مراجعة الأمر واتخاذ قرارها الخاص بشأنه في غضون خمسة عشر يومًا من تاريخ الإخطار. ويتعين على محكمة الاستئناف المختصة إصدار قرارها في غضون ثلاثين يومًا من طلب الطرف. ويجب تعليق إجراءات التحكيم في انتظار القرار القضائي، ما لم تقرر هيئة التحكيم مواصلة الإجراءات بناءً على طلب أحد الأطراف.
كما يُجيز قانون التحكيم في مركز دبي المالي العالمي لهيئة التحكيم البتّ في اختصاصها، بما في ذلك أيّ اعتراضات تتعلق بوجود أو صحة اتفاق التحكيم. ويجوز لهيئة التحكيم البتّ في أيّ دفع، سواءً كمسألة تمهيدية أو في حكم التحكيم من حيث الموضوع.
كما ينص قانون التحكيم في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقانون التحكيم في مركز دبي المالي العالمي، ولوائح التحكيم في سوق أبوظبي العالمي على أنّه لهيئة التحكيم سلطة الأمر باتخاذ تدابير مؤقتة تراها ضرورية، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.
فيما يتعلق بأسباب إلغاء حكم التحكيم، فإن قانون التحكيم في دولة الإمارات العربية المتحدة يتبع إلى حد كبير أسباب إلغاء الحكم الواردة في قانون الأونسيترال النموذجي مع بعض الإضافات. ويتطلب قانون التحكيم في دولة الإمارات العربية المتحدة من مقدم طلب الإلغاء إثبات أن واحدًا أو أكثر من الأسباب التالية ينطبق: (أ) بطلان اتفاق التحكيم؛ (ب) عدم أهلية أحد الطرفين وقت إبرام اتفاق التحكيم؛ (ج) عدم القدرة القانونية لأحد الطرفين على التصرف؛ (د) إخفاق أحد الطرفين على عرض قضيته؛ (هـ) عدم تطبيق القانون الموضوعي الذي اختاره الأطراف؛ (و) عدم الامتثال لاتفاق الأطراف أو الأحكام المتعلقة بتكوين هيئة التحكيم؛ (ز) المخالفات الإجرائية؛ و(ح) القرارات التي تخرج عن شروط الخضوع للتحكيم. وهناك أيضًا أسباب أخرى يمكن لمحكمة الاستئناف المختصة مراعاتها بحكم منصبها, مثل: (أ) عدم قابلية التحكيم؛ و(ثانيا) التعارض مع السياسة العامة.
على الرغم من توقيع دولة الإمارات العربية المتحدة على اتفاقية نيويورك عام ٢٠٠٦، إلا أن أحكام التحكيم الأجنبية لم تُعرض على المحاكم للتنفيذ إلا في السنوات الأخيرة. وبشكل عام، تُنفّذ المحاكم أحكام التحكيم الأجنبية بما يتوافق مع اتفاقية نيويورك. وقد دخل قرار مجلس الوزراء رقم (٥٧) لسنة ٢٠١٨ بشأن اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم (١١) لسنة ١٩٩٢ بشأن قانون الإجراءات المدنية حيز النفاذ في ١٦ فبراير ٢٠١٩.
عدّل قرار مجلس الوزراء إجراءات تنفيذ الأحكام وقرارات التحكيم الأجنبية وعجّل منها، وألغى المواد من (٢٣٥) إلى (٢٣٨) من قانون الإجراءات المدنية. ووفقًا للمادة (٨٨) من قرار مجلس الوزراء، ستظلّ شروط اتفاقية نيويورك لتنفيذ قرارات التحكيم الأجنبية لها الأسبقية في مسائل التنفيذ.
وختامًا للقول، اعتمدت دولة الإمارات العربية المتحدة استراتيجية داعمة للتحكيم، وتعمل على تحديث قوانينها المتعلقة بالتحكيم وكذلك إنشاء مراكز تحكيم جديدة.

