عُمان
انضمت عُمان في عام 1999 إلى اتفاقية نيويورك دون أي تحفظات، وبالتالي، فإن الأحكام الصادرة في الدول الأعضاء الأخرى يجب أن تكون قابلة للتنفيذ في عُمان، مع مراعاة أسباب الطعن في الأحكام والمنصوص عليها في اتفاقية نيويورك.
بعدما دخلت قواعد مركز عُمان للتحكيم التجاري حيز النفاذ، طُوّر قانون التحكيم العُماني, وقد أُدخل التحكيم كآلية بديلة لتسوية المنازعات في سلطنة عُمان عام ١٩٩٧؛ حيث صدر قانون التحكيم العُماني بموجب المرسوم السلطاني رقم ٤٧/١٩٩٧ بشأن إصدار قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية (قانون التحكيم)، بصيغته المعدلة بالمرسوم السلطاني العُماني رقم ٠٣/٢٠٠٧.
وبدأ الدعم الإضافي للتحكيم مع صدور المرسوم السلطاني رقم 26/2018، الذي أنشأ مركز التحكيم التجاري العماني (OCAC)، والذي يعمل تحت رعاية غرفة تجارة وصناعة عمان.
ينص قانون التحكيم على أن المحاكم تتمتع بقدر من الاختصاص الإشرافي على التحكيمات إذا كان مقر التحكيم في عُمان. ويلتزم قانون التحكيم العُماني في كثير من جوانبه بالمعايير الدولية، مع أن بعض الفروقات الإقليمية تنطبق على الإجراءات. وينص قانون التحكيم على وجوب إثبات اتفاق/شرط التحكيم كتابةً، وإلا اعتُبر باطلاً.
وأخيرًا، تجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز إبرام اتفاق تحكيم في مسائل لا يجوز الصلح فيها. كما أن المسائل الشخصية والجنائية لا يجوز التحكيم فيها.
تشهد عُمان تطورًا تدريجيًا في تشريعات التحكيم, وتتمتع الشركات التي تلجأ إلى التحكيم في نزاعاتها بموجب قواعد مركز التحكيم العماني بمزايا عديدة. إذ يمكن للأطراف اختيار خبراء للمساهمة في حل النزاع. كما يحق للأطراف جمع النزاعات أو المطالبات الناشئة عن أكثر من عقد في طلب تحكيم واحد، شريطة استيفاء شروط معينة. ومن المزايا الأخرى سرعة البت في التحكيم، حيث يُمنح كل طرف مهلة زمنية قصيرة نسبيًا لتقديم مطالباته ودعواه المضادة. على سبيل المثال، وفقًا للمادة (5-1) من قانون التحكيم العُماني، "يُقدّم المُدّعى عليه ردًّا خلال 21 يومًا من تاريخ استلام طلب التحكيم من المُسجِل". ووفقًا للمادة (5-7) من القانون نفسه، "يُقدّم المُدّعي ردًّا على أيِّ دعوى مُضادة خلال 21 يومًا من تاريخ استلامها من المُسجِل".
فيما يتعلق بتقديم طلب الاعتراض على المحكم، فإن المادة (13-2) من قانون التحكيم العماني توضح أن "إخفاق أحد الطرفين في الكشف عن أي ظروف قد تثير شكوكاً مبررة حول نزاهة المحكم أو استقلاله خلال 14 يوماً من علم الطرف بهذه المعلومات يشكل تنازلاً عن الحق في الاعتراض على المحكم بناءً على تلك الظروف".
تنص المادة 6 من قانون التحكيم العُماني على أنه "يجوز فض المنازعات الناشئة عن أكثر من عقد واحد أو المتعلقة بها في تحكيم واحد". تُعدّ المنازعات متعددة الأطراف ومتعددة العقود حاليًا جزءًا لا يتجزأ من حلّ النزاعات الدولية؛ وهذه نتيجة حتمية لطبيعة التجارة الدولية المتزايدة التعقيد والتداخل. ولتجنب انتشار الإجراءات المتوازية والقرارات المتضاربة، يُتيح قانون التحكيم العُماني التحكيم في منازعات العقود المتعددة. ولا شك أن هذا يُسهم في نجاح التحكيم الدولي كإجراء لحلّ النزاعات في أي بلد.
تُتيح قواعد مركز التحكيم التجاري الدولي العماني ضمّ الدعاوى ودمجها كأدوات إجرائية، مما يُوفّر الوقت والتكاليف، ويرتبط بالتحكيم متعدد الأطراف و/أو متعدد العقود. وبالتالي، تُوفّر قواعد مركز التحكيم التجاري الدولي العماني نظامًا متكاملًا للأطراف لتسوية نزاعاتهم خارج المحاكم.
وفقًا للمادة (6) من القانون، يجوز تسوية منازعات نشأت عن أكثر من عقد، في طلب تحكيم واحد، شريطة تحقق أيا مما يأتي: " أن يوافق أطراف تلك العقود على طلب تحكيم واحد يجري وفقا لهذه القواعد؛ أن تتضمن تلك العقود اتفاقات تحكيم تحيل هذه المنازعات إلى التحكيم وفقا للقواعد، وأن تكون اتفاقات التحكيم متوافقة، وأن تنشأ المنازعات من العلاقة القانونية، أو الاقتصادية ذاتها, أو تتكون هذه العقود من عقد أساسي وعقود إضافية, وأن تنشأ المنازعات من معاملة أو سلسلة معاملات ذات صلة.
ووفقًا للمادة (8) من القانون، يجوز لأي طرف، قبل وبعد تشكيل هيئة التحكيم، تقديم طلب إلى المُسجِل لدمج تحكيمين أو أكثر في تحكيم واحد. وتنص المادة (8-1) على الآتي: "قبل تشكيل أي هيئة تحكيم، يجوز لأي طرف تقديم طلب إلى المسجل لضم دعويين تحكيم اثنتين أو أكثر في دعوى تحكيم واحدة، شريطة استيفاء أي من المعايير الآتية: أ – موافقة جميع الأطراف على الضم كتابة؛ ب – إذا كانت جميع المطالبات في دعاوى التحكيم مستندة إلى اتفاق التحكيم ذاته؛ ج – أن تكون اتفاقات التحكيم متلائمة، أو يمكن التوفيق فيما بينها، بالإضافة إلى ذلك توافر أي من الحالات الآتية: (١) أن تنشأ المنازعات عن العلاقة القانونية أو الاقتصادية ذاتها؛ (٢ )أن تنشأ المنازعات عن عقود تتكون من عقد أساسي، وعقود إضافية (٣) أن تنشأ المنازعات عن المعاملة أو سلسلة المعاملات ذات الصلة ذاتها.
تُحدد المادة (7) من القواعد آليةً ثنائيةً لضمّ طرفٍ إلى إجراءاتٍ جارية. يستند اختصاص هيئات التحكيم إلى استقلالية الأطراف، وعادةً ما يكون الحدّ الأدنى لضمّ أطرافٍ ثالثةٍ إلى التحكيم عاليًا. ويُشترط موافقة جميع أطراف إجراءات التحكيم (بما في ذلك الطرف الثالث)، شريطة أن يكون الطرف الثالث مُلزمًا أيضًا باتفاقية تحكيم. تُسهم هذه الآلية في توفير الوقت والتكاليف المتعلقة بالنزاع بين أكثر من طرفين. وتنص المادة (7-1) من القانون على الآتي: "يجوز لأي طرف من أطراف التحكيم قبل تشكيل هيئة التحكيم التقدم بطلب لدى المسجل لإدخال طرف إضافي أو أكثر إلى التحكيم بموجب هذه القواعد بصفته مدعيا أو مدعى عليه، شريطة استيفاء أي من المعايير الآتية: أ – أن يكون الطرف المطلوب إدخاله ملزما باتفاق التحكيم، أو ب – أن يوافق جميع الأطراف، بمن فيهم الطرف المطلوب إدخاله، كتابة على هذا الإدخال.
في عالم الأعمال المتشابك، حيث تتقاطع المصالح وتتعانق المخاطر، تبرم عدة جهات عقودًا مترابطة؛ وهنا يزداد احتمال وجود عمليات تحكيم مختلفة بين أطراف مختلفة، تتناول جميعها قضايا متشابهة أو متشابهة، مما يؤدي إلى قرارات متضاربة تُشكل عقبات في التنفيذ. وقد أصبحت آليات الضم والدمج شائعة بشكل متزايد في قواعد التحكيم المؤسسي الرائدة نظرًا لمزاياها في حل النزاعات متعددة الأطراف والعقود. ويظل قانون التحكيم العُماني شاهداً على انفتاحه على هذه الآفاق الحديثة.
التحكيم في عُمان يتجه نحو آفاق أرحب في المستقبل، كوسيلة بديلة تفتح أبواب الحلول العادلة بعيداً عن تعقيدات المحاكم. ورغم أن القانون لم يمنح الأطراف نصاً صريحاً لتعيين خبرائهم لتقديم الأدلة، إلا أنه فتح نافذة مرنة عبر المادة (32-5)، تتيح لهم الاستعانة بخبراء لدراسة تقرير خبير هيئة التحكيم المُعين وإبداء الرأي بشأنه، في توازن يرسّخ العدالة ويعزّز الثقة.
وفيما يتعلق بالخبراء الذين تعينهم الهيئة، فإن قانون التحكيم العماني يوضح أن الأطراف ملزمون بالتعاون مع الخبير المُعين وتزويده بالمعلومات المتعلقة بالنزاع والحاجة إلى القيام بما هو ضروري لتمكين الخبير من فحص أي من المستندات والسلع والممتلكات الأخرى المتعلقة بالنزاع.
تتناول المادة (38) من القانون الإجراءات المستعجلة. وتنص المادة (38-1) على أنه " يجوز لأي طرف قبل تشكيل هيئة التحكيم تقديم طلب إلى المسجل لاتخاذ إجراءات التحكيم وفقا للإجراءات المستعجلة بموجب هذه القواعد، شريطة توافر أي من الآتي: أ – ألا يتجاوز مبلغ المطالبة في دعوى التحكيم (٥٠٠,٠٠٠) خمسمائة ألف ريال عماني أو ما يعادله بالعملات الأخرى، على أن يمثل إجمالي المطالبة، والمطالبة المقابلة، وأي حق يتم التمسك به بقصد الدفع بالمقاصة؛ ب – أن يتفق الأطراف على ذلك؛ ج – في الدعاوى المستعجلة التي تقدرها اللجنة التنفيذية."
يتعين على هيئة التحكيم إصدار الحكم النهائي وفقًا للجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين. في حال عدم وجود اتفاق، يُصدر الحكم خلال ستة أشهر من بدء التحكيم.
تجدر الإشارة إلى أنه بموجب قانون التحكيم، تحتفظ المحاكم العُمانية بدور إشرافي فيما يتعلق بالتحكيم.
ينص قانون التحكيم على أنه لا يجوز تنفيذ حكم التحكيم قبل التأكد من أنه:
لا يتعارض مع حكم سابق أصدرته المحاكم العمانية بشأن موضوع النزاع؛
لا يتضمن أي شروط مخالفة للنظام العام في سلطنة عمان؛
أن يكون قد تم تبليغه للطرف الخاسر على النحو الواجب.
ينص المرسوم السلطاني رقم 29/2002 بإصدار قانون الإجراءات المدنية والتجارية على أنه يجوز تنفيذ أحكام التحكيم الصادرة في دول أجنبية في سلطنة عمان ولا يجوز إصدار أمر التنفيذ إلا بعد التحقق مما يلي:
أن الحكم أو الأمر صادر من جهة قضائية مختصة وفقا لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقرر في قانون البلد الذي صدر فيه ، و أنه أصبح نهائيا وفقا لذلك القانون ، و أنه لم يصدر بناء على غش.
أن الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم الأجنبي قد كلفوا بالحضور ومثلوا تمثيلا صحيحا .
أن الحكم أو الأمر لم يتضمن طلبا أساسه الإخلال بقانون من القوانين المعمول بها في السلطنة .
أنه لا يتعارض مع حكم أو أمر سبق صدوره من محكمة بالسلطنة ، ولا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب .
أن البلد الذي صدر فيه الحكم المراد تنفيذه يقبل تنفيذ أحكام المحاكم العمانية في أراضيه
يمكن القول إن مسيرة التشريع في مجال التحكيم بسلطنة عُمان لا تزال في طور التشكّل والنمو تسعى بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها كوجهة واعدة للتحكيم.

